كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن سعد عن علي رضي الله عنه قال قلت للعباس رضي الله عنه: سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نأتيك بماء لم تمسه الأيدي؟ قال: بلى، فاسقوني فسقوه، ثم أتى زمزم فقال: استقوا لي منها دلوًا، فأخرجوا منها دلوًا فمضمض منه ثم مجه فيه، ثم قال: أعيدوه ثم قال: إنكم على عمل صالح، ثم قال: لولا أن تغلبوا عليه لنزلت فنزعت معكم.
وأخرج ابن سعد عن جعفر بن تمام قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: أرأيت ما تسقون الناس من نبيذ هذا الزبيب، أسنة تبغونها أم تجدون هذا أهون عليكم من البن والعسل؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى العباس وهو يسقي الناس فقال اسقني. فدعا العباس بعساس من نبيذ، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم عسًا منها فشرب، ثم قال: أحسنتم هكذا فاصنعوا. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فما يسرني أن سقايتها جرت عليَّ لبنًا وعسلا مكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحسنتم هكذا فافعلوا».
وأخرج ابن سعد عن مجاهد رضي الله عنه قال: اشرب من سقاية آل العباس فإنها من السنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {أجعلتم سقاية الحاج} قال: زمزم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والأزرقي في تاريخ مكة والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال: أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن قريشًا خرجت من الحرم فارّة من أصحاب الفيل وهو غلام شاب فقال: والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره. فجلس عند البيت وأجلت عنه قريش فقال:
اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك ** لا يغلبن صليبهم وضلالهم عدوًا محالك

فلم يزل ثابتًا في الحرم حتى أهلك الله الفيل وأصحابه، فرجعت قريش وقد عظم فيها لصبره وتعظيمه محارم الله، فبينما هو في ذلك وقد ولد له أكبر بنيه، فأدرك- وهو الحارث بن عبد المطلب- فأتي عبد المطلب في المنام فقيل له: احفر زمزم خبيئة الشيخ الأعظم، فاستيقظ فقال: اللهمَّ بيِّن لي. فأتي في النام مرة أخرى فقيل: احفرتكم بين الفرث والدم في مبحث الغراب في قرية النمل مستقبل الأنصاب الحمر. فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمي له من الآيات، فنحرت بقرة بالجزورة فانفلتت من جازرها تحمي نفسها حتى غلب عليها الموت في المسجد في موضع زمزم، فجزرت تلك البقرة من مكانها حتى احتمل لحمها فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث، فبحث عن قرية النمل فقام عبد المطلب فحفر هناك، فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب: ما هذا الصنيع إنما لم نكن نرميك بالجهل لم تحفر في مسجدنا؟! فقال عبد المطلب: إني لحافر هذا البئر ومجاهد من صدني عنها. فطفق هو وولده الحارث وليس له ولد يومئذ غيره، فسفه عليهما يومئذ ناس من قريش فنازعوها وقاتلوهما، وتناهى عنه ناس من قريش لما يعلمون من عتق نسبه وصدقه واجتهاده في دينهم.
حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى، نذر أن وفي له عشرة من الولدان ينحر أحدهم، ثم حفر حتى أدرك سيوفًا دفنت في زمزم حين دفنت، فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا: يا عبد المطلب أجدنا مما وجدت. فقال عبد المطلب: هذه السيوف لبيت الله. فحفر حتى انبط الماء في التراب وفجرها حتى لا تنزف وبنى عليها حوضًا، فطفق هو وابنه ينزعان فيملآن ذلك الحوض فيشربه الحاج، فيكسره أناس حسدة من قريش فيصلحه عبد المطلب حين يصبح.
فلما أكثروا فساده دعا عبد المطلب ربه، فأريَ في المنام فقيل له: قل اللهمَّ لا أحلها المغتسل ولكن هي للشاربين حل وبل ثم كفيتهم. فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد، فنادى بالذي أرى ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه ذلك عليه أحد من قريش إلا رمى في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته، ثم تزوّج عبد المطلب النساء فولد له عشرة رهط.
فقال: اللهمَّ إني كنت نذرت لك نحر أحدهم وإني أقرع بينهم فأصيب بذلك من شئت. فأقرع بينهم فطارت القرعة على عبد الله، وكان أحب ولده إليه فقال عبد المطلب: اللهم هو أحب إليك أم مائة من الابل؟ ثم أقرع بينه وبين المائة من الإِبل فطارت القرعة على المائة من الإِبل، فنحرها عبد المطلب.
وأخرج الأزرقي والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال: أحفر طيبة. قلت: وما طيبة؟ فذهب عني، فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت به، فجاءني فقال: احفر زمزم. فقلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم عند قرية النمل. قال: فلما أبان له شأنها ودل على موضعها وعرف أن قد صدق غدا بمعول ومعه ابنه الحارث ليس له يومئذ غيره فحفر، فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب إنها بئر إسمعيل، وإن لنا فيها حقًا فأشركنا معك فيها؟ فقال: ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم. قالوا: فأنصفنا فإنَّا غير تاركيك حتى نحاكمك. قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم. قالوا: كاهنة من سعد هذيل. قال: نعم- وكانت باشراف الشام- فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني عبد مناف، وركب من كل ركب من قريش نفر- والأرض إذ ذاك مفاوز- فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوز بين الحجاز والشام فنى ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة، فاستسقوا ممن معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا: إنا في مفازة نخشى فيها على أنفسنا مثل ما أصابكم.
فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال: ماذا ترون؟ قالوا: ما رأينا الا تبع لرأيك فمرنا ما شئت. قال: فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم لنفسه لما بكم الآن من القوة، كلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخركم رجلًا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعًا. قالوا: سمعنا ما أردت. فقام كل رجل منهم يحفر حفرته، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشًا، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: والله إن إلقاءنا بأيدينا لعجز ما نبتغي لأنفسنا حيلة، عسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارحلوا، فارتحلوا حتى فرغوا ومن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون، فقام عبد المطلب إلى راحلته فركبها، فلما انبعثت انفجرت من تحت خفها عين من ماء عذب، فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه، ثم نزل فشرب وشربوا واستقوا حتى ملأوا سقيتهم، ثم دعا القبائل التي معه من قريش فقال: هلم الماء قد سقانا الله تعالى فاشربوا واستقوا.
فقالت القبائل التي نازعته: قد- والله- قضى الله لك يا عبد المطلب علينا، والله لا نخاصمك في زمزم. فارجع إلى سقايتك راشدًا. فرجع ورجعوا معه ولم يمضوا إلى الكاهنة، وخلوا بينه وبين زمزم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة وعمر بن شبة والفاكهاني في تاريخ مكة والطبراني في الأوسط وابن عدي والبيهقي في سننه من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ماء زمزم لما شرب له».
وأخرج المستغفري في الطب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له، من شربه لمرض شفاه الله، أو جوع أشبعه الله، أو لحاجة قضاها الله».
وأخرج الدينوري في المجالسة عن الحميدي- وهو شيخ البخاري رضي الله عنهما- قال: كنا عند ابن عينية فحدثنا بحديث ماء زمزم لما شرب له، فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال: يا أبا محمد ليس الحديث الذي قد حدثتنا في زمزم صحيحًا. فقال: بلى. فقال الرجل: فإني شربت الآن دلوًا من زمزم على أن تحدثني بمائة حديث. فقال سفيان رضي الله عنه: اقعد فقعد. فحدثه بمائة حديث.
وأخرج الفاكهاني في تاريخ مكة عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: حج معاوية رضي الله عنه وحججنا معه، فلما طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتين، ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا فقال: يا غلام انزع لي منها دلوًا. فنزع له دلوًا يشرب وصب على وجهه، وخرج وهو يقول: ماء زمزم لما شرب له.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له».
وأخرج الحافظ أبو الوليد بن الدباغ رضي الله عنه في فوائده والبيهقي والخطيب في تاريخه عن سويد بن سعيد رضي الله عنه قال: رأيت ابن المبارك رضي الله عنه أتى زمزم، فملأ إناء ثم استقبل الكعبة فقال: اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن ابن المنكدر عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمزم لما شرب له» وهو ذا أشرب هذا لعطش يوم القيامة. ثم شربه.
وأخرج الحكيم الترمذي من طريق أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له».
قال الحكيم: وحدثني أبي قال: دخلت الطواف في ليلة ظلماء، فأخذني من البول ما شغلني، فجعلت أعتصر حتى آذاني، وخفت ان خرجت من المسجد أن أطأ بعض تلك الأقذار وذلك أيام الحج، فذكرت هذا الحديث، فدخلت زمزم فتضلعت منه، فذهب عني إلى الصباح.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير ماء على وجه الأرض زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم».
وأخرج ابن أبي شيبة والفاكهاني والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زمزم خير ماء يعلم، وطعام يطعم، وشفاء سقم».
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل ماء زمزم في القوارير، وتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وكان يصب على المرضى ويسقيهم.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن صفية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمزم شفاء من كل داء».
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له، فإن شربته تشتفي به شفاك الله، وان شربته مستعيذًا أعاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمؤك قطعه الله، وإن شربته لشبعك أشبعك الله، وهي عزيمة جبريل، وسقيا إسمعيل عليهما السلام. قال: وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شرب ماء زمزم قال: اللهمَّ إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء».
وأخرج عبد الرزاق وابن ماجة والطبراني والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عثمان بن الأسود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: من أين جئت؟ قال: شربت من زمزم فقال: اشرب منها كما ينبغي. قال: وكيف ذاك يا أبا عباس؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر اسم الله واشرب وتنفس ثلاثًا وتضلع منها، فإذا فرغت فاحمد الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم».
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة زمزم، فأمر بدلو انتزع له من البئر فوضعها على شفة البئر، ثم وضع يده من تحت عراقي الدلو، ثم قال: بسم الله. ثم كرع فيها فأطال، فرفع رأسه فقال: الحمد لله. ثم دعا فقال: بسم الله. ثم كرع فيها فأطال وهو دون الأول، ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله. ثم دعا فقال: بسم الله. ثم كرع فيها وهو دون الثاني، ثم رفع فقال: الحمد لله. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علامة ما بيننا وبين المنافقين لم يشربوا منها قط حتى يتضلعوا».
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: «التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق».
وأخرج الأزرقي عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «علامة ما بيننا وبين المنافقين أن يدلوا دلوًا من ماء زمزم فيتضلعوا منها، ما استطاع منافق قط أن يتضلع منها».
وأخرج الأزرقي عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال: بلغني أن التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق، وأن ماءها مذهب بالصداع، وأن الاطلاع فيها يجلو البصر، وأنه سيأتي عليها زمان تكون أعذب من النيل والفرات.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي والفاكهاني عن كعب رضي الله عنه قال: إني لأجد في كتاب الله المنزل أن زمزم طعام طعم، وشفاء سقم.